الخميس، 22 ديسمبر 2011

سعد الدين إبراهيم والتمويل


الدكتور سعد الدين إبراهيم عالم اجتماع سياسي شهير، كان له العديد من المواقف المعارضة لنظام الرئيس المخلوع مبارك وسجن في سبيل ذلك..
لكن الدكتور سعد وهو أكاديمي عتيد يتخلى أحيانا عن أكاديميته التي تحتم عليه الدقة وتقديم البرهان والدليل على ما يقول، ويتساوى بذلك مع غيره من الكتاب والصحفيين الذين يقولون ويدعون دون أن يدللون..
كتب الدكتور سعد مقالا بتاريخ 17-12-201 في المصري اليوم عنونه بـ "إخوان وقطريون.. وسلفيون وسعوديون".. اتهم فيه الإخوان المسلمون بتلقي دعما قطريا بالملايين، واتهم السلفيون بالأمر نفسه ولكن من السعوديين.
ومن العجيب من مَن هم في علم ومكانة وسن الدكتور سعد أن يخطئ أخطاء بمثل هذا الحجم، بل إن شئت فقل إنها ليست أخطاء بل مغالطات..
كان للدكتور سعد أن يصبح أكثر حياديا وإنصافا إن ذكر أن هذه مجرد اتهامات تنال هذين الفصيلين الإسلاميين، كما إن غيرهم من التيارات الليبرالية ينالها اتهامات بتلقي مئات ملايين الدولارات من الولايات المتحدة..
بل إنها لم تعد مجرد اتهامات جوفاء.. إذ أن الولايات المتحدة نفسها وعلى لسان السفيرة الأميركية لدى مصر أعلنت أمام لجنة الشؤون الخارجية أن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أميركية لدعم المجتمع المدني.
وأضافت أن الولايات المتحدة قدمت 40 مليون دولار خلال خمسة أشهر إلى منظمات المجتمع المدني لدعم الديمقراطية في مصر، بمعدل 8 ملايين دولار كل شهر (تعادل نحو 50 مليون جنيه).
وعندما أراد الدكتور سعد أن يدلل على اتهاماته للإسلاميين ساق دليلا في غاية العجب، وهو أن "المراقبون رصدوا في مليونية التحرير الجمعة ١٨/١١ 3000 أتوبيس سياحي فاخر، نقلت المُشاركين في تلك المليونية.
ويضيف الدكتور سعد "بحسبة بسيطة، فإن تكاليف النقل وحدها، ذهاباً وإياباً، (٣٠٠٠ أتوبيس × ٤٠٠٠ جنيه يومياً) تتجاوز اثني عشر مليون جنيه، ومثلها نفقات الإعاشة. أي أننا نتحدث عما لا يقل عن أربعة وعشرين مليون جنيه خلال يوم واحد. فمن أين لأي جماعة أو حزب بمثل هذه الأموال من مصادرها الذاتية؟"
وهو كلام في غاية العجب.. فالأمر أبسط من ذلك بكثير .. لا أدري كيف عد وأحصى هؤلاء المراقبون 3000 أتوبيس، وهل عندما ينقل الإسلاميون أنصارهم من أنحاء مصر لميدان التحرير يحتاجون إلى اثني عشر مليون جنية، وببساطة شديدة يضيف الكاتب اثني عشر مليون أخرى بدعوي نفقات الإعاشة، ولا أدري أي نفقات إعاشة، فمن المعروف أن المليونية بدأت تقريبا عند صلاة الجمعة وانتهت في السادسة مساء، فما هي الإعاشة التي تحتاج إلى صرف اثني عشر مليونا؟؟!!
وإذا كان الأمر كذلك فهل لنا أن نتساءل عن المليونيات الأخرى التي دعت إليها قوى ليبرالية طوال الأشهر الماضية وحجم الانفاق الذي كان فيها؟!
أدعي أن من يخرج ليشارك في مليونية أيا ما كان اتجاهه لا يحتاج إلى أن ينتقل لميدان التحرير في أتوبيس فاخر ولا إلى نفقات إعاشة كما لو كان سيقيم بفندق خمس نجوم، ويكفيه أن ينتقل للقاهرة بأي وسيلة مواصلات متوافرة وكفى..
أما من ناحية الشكل فقد وقع الكاتب في أخطاء ساذجة لو أنه كلف نفسه قليلا من الدقة لما وقع فيها..
يقول الكاتب إن "الإخوان تلقوا مئات ملايين الدولارات من مرتادي مسجد النور الذي يؤم المصلين به الشيخ يوسف القرضاوي".. ، وقد صار لي أكثر من سبعة أعوام في الدوحة ولا أعرف مسجدا في قطر كلها اسمه النور، ليس لأنني لا أعرف ولكن لأنه لا يوجد مسجد بهذا الاسم أصلا، وإنما المسجد الذي اعتاد الشيخ القرضاوي أن يخطب الجمعة فيه هو مسجد عمر بن الخطاب.. هذه على سبيل الشكل، أما على سبيل المضمون فليعرني كل واحد عقله، هل يعقل أن يدفع بضعة مئات أو ألوف من المصلين في أحسن الأحوال مئات ملايين الدولارات، إلا إذا كان رواد المسجد –والواقع أن غالبهم من المصريين المقيمين في قطر- من المليارديرات؟؟!!
ويتساءل الدكتور سعد "هل الأموال التي تأتى عبر البحر الأحمر «حلال»، وتلك التي تأتى عبر البحر الأبيض «حرام»؟
ونجيبه بوضوح أن كليهما حرام، وإن صح أن حزبا ما تلقى أموالا من الخارج وجب إحالة المسؤولين عنه إلى القضاء والمحاكمة العاجلة.
ويواصل الكاتب تجلياته أو بالأحرى تجنياته فيقول "وليت الأمر توقف على الدعاية والرشاوى الانتخابية، لقد رصد المُراقبون بعض ألوان الخداع الانتخابي بواسطة الناخبات المُنتقبات من التيار الإسلامي. فقد قُمن تحت دعوى «الاحتشام» وعدم الكشف عن وجوههن، وبالتالي صعوبة التحقق من هويتهن، بالتصويت أكثر من مرة، باستخدام أرقام قومية، لنساء أخريات"، ..
ولا شك أن هذا الفعل -إن صح- تزوير فاضح، ولكنه أراد أن يعمم حالة واحدة ضبطت فيها منتقبة تفعل ذلك، ولا أحد يعلم لمن كانت تصوت؟ وهل هي من المنتميات للتيار الإسلامي أم أنها أرادت أن تسئ إلى هذا التيار بهذه الطريقة، كما قبض منذ أيام قليلة في المرحلة الثانية من الانتخابات على سيارة عليها لافتات لحزب النور بالقرب من اللجان الانتخابية، وبتفتيشها عثر على دعايات للكتلة المصرية بالإضافة إلى سلاح ناري!!
إذن فهناك من يريد أن يلصق تهما بالتيار الإسلامي بطرق غير شريفة.
كنت أتمنى من الدكتور سعد ألا ينساق إلى اتهام الآخرين اتهامات مرسلة لا أصل لها في الواقع
http://www.alamatonline.net/l3.php?id=19401.

ليست هناك تعليقات: