الأحد، 1 مارس 2009

حواري مع الشاعر المصري الشيخ أمين الديب

أجريت حواراً صحفياً مع الشاعر المصري الكبير والمحبوب الشيخ أمين الديب المعروف بشاعر المقاومة ، وقد نُشر بجريدة الشرق القطرية بتاريخ ٢٧-٢-٢٠٠٩م ، وإليكم نص الحوار ...


شاعر المقاومة أمين الديب للشرق :


لولا الاعتقال لما عرفني الناس

الشعر العامي لا يؤثر على اللغة العربية الفصحى

أدعوا لتأسيس رابطة أدباء وفنانين من أجل القدس


حوار عبدالرحمن أبوالعُلا


عُرف بشاعر المقاومة ، وتميز بأسلوبه السهل المُعبر بصدق عن قضايا الأمة فهو دائماً ما يعزف على أوتار الهم الوطني والوجع القومي ، دفع من أجل ذلك ضريبة من حريته حين اعتقل ، الا أنه خرج من المعتقل أصلب وأقوى وأصدع بكلمة الحق من خلال شعره الذي يرتبط بالآذان عند سماعه ويتخطاها ليصل إلى القلوب مباشرة ، إنه شاعر العامية الكبير الشيخ أمين الديب ، الذي زار الدوحة مؤخراً ليشارك في مؤتمر القدس ، فكان للشرق معه هذا الحوار .. 


- بداية ، عرفنا بنفسك ؟

اسمي محمد عبدالحسيب محمود الديب وشهرتي الشيخ أمين الديب عضو اتحاد كتاب مصر وعضو جمعية الأدباء وعضو رابطة الزجالين وعضو اللجنة الشعبية لمقاومة المشروع الصهيوني الأمريكي مواليد عام 1937م في قرية نكله وهي إحدى قرى الجيزة بمصر ..


- كيف كانت بدايتك الشعرية ؟

بدايتي كانت من طفولتي حيث نشأت في أسرة متدينة تقرأ القرآن مجودا وتحفظه ، أبي وأمي واخي وأخواتي ، وكنت أصغرهم سناً وكانوا جميعا يقرءون الشعر ويتذوقونه ويجيدون السجع أثناء محادثتهم العادية ,وقد بدأت كتابة الشعر والزجل في سن الثانية عشر تقريباً , وكان يعجبني شعري كثيرا وكنت أتخيل أني أنافس الشعراء الكبار من أمثال الشاعر الكبير بيرم التونسي ولم أكن أعرف وقتها غير بيرم , وبعد عامين أي في عام 1952 اكتشفت أنني أكتب سجع ليس له مضمون , فبدأت أقرأ كثيراً ولا أكتب إلى أن كتبت في عام 1954م قصيدة أعجبت كل من استمع إليها, حتى أن أقراني ما كانوا يصدقون أني كاتبها , مما شجعني على أن ألقيها في المنتديات الأدبية بالقاهرة فلاقت استحساناً كبيراً من الشعراء الكبار وخاصة من الشاعر محمد التهامي أطال الله في عمره ونصحني أن أتوجه بها للإذاعة وفعلاً ذهبت بها للإذاعة وأذيعت وكان الأستاذ طاهر أبوزيد متعه الله بالصحة والعافية يطلبني لألقيها في كل عيد ثورة , كانت هذه بدايتي كشاعر وأصبحت جديراً أن أجالس المرحوم صلاح جاهين بل وأتردد عليه من حين لآخر , وتعرفت على معظم الشعراء الموجودين على الساحة وقتها وحتى الآن , وقد عُرفت في الأوساط الأدبية بأني من جيل الستينات .


- عُرفت بشاعر المقاومة , لماذا أٌطلق عليك هذا اللقب وما أهم أعمالك للمقاومة ؟

أٌطلق علي هذا اللقب بعد خمسة يونيو 1967م بعد أن كتبت قصيدة (رغم المحن)التي طفت بها على مقاهي القاهرة , فقد كانت حرب 1967 البداية الحقيقية للهجمة الأمريكية الصهيونية على الأمة العربية , ومن يومها وكل أعمالي منصبة في المقاومة بكل أشكالها .. مقاومة المحتل , ومقاومة الفساد , ومقاومة الاعتداء على الحريات , ومن هنا أطلق عليّ شاعر المقاومة وأحيانا شاعر الفلاحين وأحيانا شاعر الشعب وعمدة شعراء المقاومة ,كل واحد يرى فيّ صفة معينة يلقبني بها , أما أنا فأرى نفسي فلاح بسيط أعمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فلبسانه  ..) وأنا أرى المنكر ولا أستطيع تغييره بيدي ولذلك أحاول أن أُغيّره بلساني من خلال قصائدي ، فأنشر قصائد المقاومة هذه حتى أُوجد من يغيرون بأيديهم وقبل هذا وذاك يقاومون الشر والفساد حتى في نفوسهم, وكل أعمالي ودواويني بداءً من الديوان الأول ( ايه معنى ان الحجر بيخوف المحتل ) وحتى ديواني السابع ( أنا نصين ) كلها تسير في اتجاه المقاومة .


- لك قصائد معارضة للأوضاع السياسية في مصر أدت لاعتقالك ، ما أهم هذه القصائد ؟ وكيف ترى تجربة الاعتقال ؟

أولاً كما ذكرت فإن قصائدي في معارضة الأوضاع السياسية في مصر كثيرة جداً أهمها القصائد التي تأثرت بها الجماهير مثل " فكّر وشوف " والتي أحث الناس فيها على التمسك بحقوقهم السياسية والوقوف ضد من يُزيفون إرادتهم في اختيار ممثليهم في مجلس الشعب ، وقد أدت هذه القصيدة بعد فضل الله إلى انتخاب ١١٠ عضو معارض في مجلس الشعب منهم ٨٨ عضو من الاخوان المسلمين، وقصائد أخرى مثل " عشنا وشوفنا " ، والأهم بعد ذلك قصائدي في معارضة قانون الطوارئ ، كل هذه القصائد أدت إلى اعتقالي وهي تجربة لم أكن أتوقعها ولا أحلم بها فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فلولا الاعتقال لما ارتفع صوت الصامتون يطالبون بالإفراج عني ومن لم يكن يعرفني صار يسأل عني ويبحث عن أعمالي ويشتريها بأضعاف ثمنها ممن أنتجوها ولم أقبض منهم مليماً واحداً ، وأقولها صراحة كل الشكر لله أولاً ثم لقناة الجزيرة ثم للصحافة المصرية الحزبية والمستقلة والمعارضة وبعض الصحف العربية والنقابات المهنية والمثقفين والفنانين وأعضاء مجلس الشعب من الاخوان المسلمين خاصة .


- هل تخشى الاعتقال من جديد؟

أنا لا أخشى إلا الله وممتثل لأمره وراض تماماً عن أي مكان يريدني فيه ، فإن أراد الله لي أن أكون في السجن فأنا راض وإن أراد سبحانه أن أكون في القبر فأنا راض ، مثلي في ذلك مثل أي مؤمن يُؤمن بأن كل شيئ بإرادة الله ، والحمد لله على كل حال .


- ما أهم المواقف التي تعرضت لها في حياتك الشعرية ؟

بالطبع أهم موقف في حياتي هو الاعتقال وقد أثر فيّ كثيراً أن أجد نفسي معتقلاً بهذه الصورة وأنا في السبعين من عمري ، وتسألت أهكذا يُعامل مثقفي مصر وقد أفنيت عمري كله من أجل مصر ؟!، لكن لله الأمر من قبل ومن بعد.


- في رأيك ؛ كيف ترى مستقبل الشعر العامي أو الزجل ؟

 أولاً لابد أن نعرف ما هو الشعر العامي وما هو الزجل ، فالشعر العامي ابن شرعي لشعر التفعيلة أما الزجل فهو ابن الشعر العمودي ، وهذين اللونين من الشعر لا يُؤثران على الشعر العمودي أو شعر التفعيلة أو على اللغة العربية

على عكس ما يقول البعض أن العامية تُؤثر على الفصحى مستندين على قول أمير الشعراء أحمد شوقي : أخشى على الفصحى من بيرم ، لأن هذا القول كان مزاحاً بين الشاعرين خاصة لمكانة بيرم عند شوقي .

أما اللغة العربية الفصحى فهي معرضة للهبوط نتيجة عدم قراءة القرآن الكريم وعدم القراءة لكبار الكتاب من أمثال العقاد والمازني وطه حسين وغيرهم ، أما الشعر العامي فقد يتعرض لهبوط مستواه أيضاً بسبب هبوط مستوى الأغنية الشعبية وظهور كلمات بذيئة مستحدثة تبرأ منها الفصحي والعامية.

وأنا أرى أن الحكومات العربية يجب أن تهتم بالحفاظ على اللغة والهوية العربية عن طريق اصدار قوانين تمنع استخدام أسماء أجنبية للمحلات  والحد من استقدام العمالة الأجنبية التي لا تجيد العربية وتحفيز انتاج الزي القومي واعتباره الزي الرسمي والتمسك به.


- شاركت مؤخراً في مؤتمر القدس الذي انعقد بالدوحة ، في رأيك ما هو دور الشعراء والأدباء في نصرة قضية القدس؟ وهل يمكن عمل رابطة لهم في هذا الشأن؟

بداية ، أحمد الله أنني زرت دولة قطر مشاركاً في مؤتمر القدس السادس ، ثم مشاركاً في الأمسية الشعرية التي أقامها الصالون الثقافي بوزارة الثقافة والفنون والتراث ، مما جعلني أتعرف عن قرب عن قطر هذا البلد الصغير الحجم الذي أصبح بفضل الله أولاً ثم بقيادة أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله بلداً كبيراً ومُؤثراً في الأمة العربية وذو فاعلية في إنهاء الخلافات العربية ، أما بالنسبة لدور الأدباء فلا شك أنه من الممكن تأسيس رابطة تضم الشعراء والأدباء والفنانين وتسمى أدباء وفنانين من أجل القدس ، وسيكون لها دور كبير في التأثير على الشعوب العربية والإسلامية ،وهذه الشعوب هي القادرة على تحرير القدس ، ولكن يجب دعم هذه الرابطة بعد قيامها مادياً ومعنوياً بإفراد مساحات لهم في كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وترجمة كل أعمالهم لكل اللغات حتى تصل أعمالهم إلى كل الشعوب حتى نصل بصوتنا إلى العالم أجمع..


- ما أهم أعمالك القادمة؟

سأسعى في نشر دواويني التي لم تُنشر ، وإن كان في العمر بقية ستكون أعمالي في نفس الاتجاه الذي اختاره الله لي وارتضيته لنفسي وهو مقاومة المشروع الصهيوني الأميركي ومقاومة الفساد .

ليست هناك تعليقات: